الثلاثاء، 4 نوفمبر 2014

ثقافة التصوير

ثقافة التصوير




قبل عشرين سنه وأنا بعمر الخامسة عشر زرت المنطقه الشرقيه وأنا أحمل معي كاميرا لأسجل بها أهم اللحظات التذكاريه و لتكون شاهدة على الاماكن التي زرتها، وتفاجئت آن ذاك بأن جميع المنتزهات العامه والأسواق التجارية ومدن الألعاب كانت ممتلئة بشعارات ممنوع التصوير والذي قد يعد مخالفته جريمه تتصادر به الكاميرا أو فيلم التصوير الذي بداخلها، المنطقة الشرقية وغيرها من مناطق المملكة كانت تضع شعارات حمراء للكاميرا تجعل حامل تلك الالة يشعر أنه ركن سيارته في مكان خاطئ وهو يشاهد شعاراً غريباً من بين الشعارات التي حفظها ليحصل على رخصة القيادة، زرت بتلك الفترة شاطئ نصف القمر وكنت التقط الصور لي ولأقاربي وتفاجئت برجل يتشاجر معي ويطلب مني أن أسلمه الفيلم الذي بداخل الكاميرا ظناً منه أن هناك صورة له ولبناته الذين وإن ظهروا في الصورة لن يتعرف شخص ما عليهم من أعينهم فقط ، الكاميرا التي كانت معي لم تكن لتلقط صورة واضحه إن زادت المسافة عن عشرة أمتار، واليوم بعد عشرين سنه لا يكاد هاتف محمول يخلو من كاميرا التصوير بل أن البعض يعلقها على صدره وبكل شجاعه والكل يعبر من أمامها هو ومحارمه دون أن يبالي إذا ماكانت سوف تلتقطه عدسة التصوير أم لا ، رغم أن الذين قد يظهرن بالصورة قد لا يكن مبرقعات بل قد تظهر ابتسامتهم كاملة وغير مبالين بحضرة السيد ” زوم ” الذي قد يصل إلى ملامسة تفاصيل من أبعد ماتكون إلى أقرب ماتكون، الكل اليوم يقف في طوابير جانبية من أجل أن يلتقطوا صورة لشيء ما أعجبهم، وقد يدفعونك للجانب الايمن أو الأيسر إذا اشتد الزحام والتنافس على نشر هذه الصورة في مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع قنوات وصحف الأخبار ، لا أحد اليوم يخبرك بشرعية التصوير ولا يجبرك أحد على وضع خط أحمر حول رقبة الشخص أو الكائن الظاهر بالصورة، والكل يتنافس بصفحته الخاصه على الانستجرام بما حباه الله من مواهب في التصوير، أو بما يحتفظ به من كم هائل من أرشيف الصور ،في حين أن استوديوهات تصوير قديمه كانت تعتبر أرشيف لمدن المملكه العربية السعودية أتلفت ومزقت وحرقت دون أن يبكي أحد عليها، وصرنا نبحث عن الصور القديمه في كتب الرحاله وزوار السعودية في فترات كنا نًوبخ المصورين فيها ونطالب بكل غباء وجهل من أسر المتوفيين أن يحرقوا صور المتوفى لكي لا يتعذب في قبره، الكثير من الأسر والعوائل بكت على حالها حين لم تجد صورة لوالدهم أو لأجدادهم ، وصارت تضطر لدفع مبالغ طائلة لنعثر عليها أو لتقوم بشرائها أو لتخرج ” في بروازها الثاني ” ، لا توجد جهة ما أيضاً تحفظ حقوق ملكية هذه الصورة، ولا توجد دائرة ولا مؤسسة حكوميه تسمح لك بالبحث في أرشيفها بسهولة ، قبل عشرين سنه ذهبت لتحميض فيلم التصوير والذي تعرضت نصف الصور به للحرق والتلف ، والان لا أتذكر متى كانت المرة الأخيرة التي أضطررت بها لتحميض الصور، لا زالت أماكن أخرى غير قاعات الأفراح تمنع التصوير ، رغم أن البعض يظن أنه أصبح حقاً شرعياً يمارسه كائن من كان أينما رغب ،ويظل التصوير هواية من لا هواية له ومهنة من لا مهنة له اذا لم نعي ثقافة التصوير وخطوطه الحمراء ومراعاة الذوق العام أثناء التصوير وفي انتقاء الصور

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق