الثلاثاء، 4 نوفمبر 2014

الجهل عدونا الأول





في الازمنة السابقة كان المفكرون والفلاسفة والمخترعون معرضون لخطر الاتهام بالجنون والهرطقه ومعرضون لخطر الموت علی يد من يجهل مايقومون به وقد قتل بعضهم نتيجة لابداعاتهم ، الجهل هو العدو الاول لكل جديد وليس شرطا ان يكون كل جديد ” بدعه ” فحديث رسوا الله صلی الله عليه وسلم [كل محدثة بدعه وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار] يقصد به المحدثات والبدع في الدين وليس في امور الدنيا وليست هذه ليبراليه ولا علمانية ولا اي شيء آخر بل هي لا تخلو من ان تكون مجرد حقيقة والامثلة  علی ذلك كثيرة جداً ، ففي قديم الزمان اتهم الناس العلماء بأنهم سحرة لانهم أتوا بشيء خارق للعقول مثل من كان يرش الفضة بالنحاس فيصبح لونها ذهبيا وقد استغل بعض العلماء جهل الناس وباعوهم الفضه المرشوشة بالنحاس علی انها ذهب ، وفي هذا العصر توالت الإختراعات والمنجزات وتقبلها الناس ولكن قس علی سبيل المثال التعامل السابق مع الراديو والتلفزيون والهاتف السلكي واللاسلكي واعتقادهم ان من يتحدثون خلال هذه الاجهزة او يظهرون فيها هم جن وعفاريت وشياطين والخ ، وبالمثل تقابل الافكار الجديدة اليوم بنفس الرفض لكن دون تورط الوازع الديني فقد ادرك الناس أخيراً ان ليست كل الأفكار بدعه وليست جميعها قابلة للخوض في مسألة التحليل او التحريم بل من باب انتفاع الاخرين بها ام لا ، واصبح النقاش والاختلاف يدور حول محاور اخری كالعنصرية مثلا او الغيرة ان كان لها مكان هنا ، يقول الله عز وجل عن اليهود حين عرفوا بوجود نبي اسمه محمد { فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ۚ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِين}َ (89) سورة البقرة ، لقد كانوا متيقنين من ذلك لكن العنصرية هنا ولأنه ليس من قومهم رفضوا التصديق به وبما يقول ، وكذلك بعض الافكار والمشاريع اليوم تأخذ منحنی عنصري فعلی سبيل المثال وقد قرأنا جميعا ذلك مراراً وتكراراً اثناء اختلاف فئتين متجاورتين علی المكان المقرر لإنشاء مشروع يخدم اهالي منطقه فتجدهم يتناسون الهدف من المشروع وسبب اختيار المكان المقرر لانشائه والذي يكون غالباً من اجل سهولة الوصول اليه وقربه من الطرق العامة ويتقاتلون من اجل قربه او بعده عنهم بضعة امتار لا يسيرون فيها علی أقدامهم ، وصوت العاقل فيهم مستبعد من كلا الفئتين لانه لا يأتي في صالح احداهما فلو قال فرد منهم ان المشروع يخدم المنطقه وان الجميع لديهم سيارات سوف يطالبونه باحترام ادبيات الحوار والاشخاص الاكبر منه سنا ويتناسون انهم يتجادلون ولا يتحاورون ويعاقبونه بالنفي، وكذلك الامر في سائر بعض الامور التي يتناسی فيها الجميع روعة وأهداف فكرة ما او مشروع ما ويقتلونها بلماذا نطقت بها قبل ان تاخذ رأينا ولماذا لم تجعلها علی لسان كبيرنا او ابننا المحبب او فرد نفضله عليك وستجد نفسك مقاطعا من قبل الجميع دون سابق إنذار لانك ارتكبت ذنبا في اعراف متعارف عليها بانها نتنه ، ولكن اليس هذا من دروب الناجحين فلو عدنا للمخترعين والمفكرين والفلاسفة لوجدناهم رغم كل ذلك استطاعوا تمرير الكثير للاجيال التي سبقتنا ولاجيالنا وللاجيال القادمة واثبت الزمن انهم علی عكس ما افترصه الاخرين عنهم ، ويبقی السؤال هنا هل لازال الجهل مستمرا علی مر العصور واذا ايقنا ان الجاهل هنا يجيد القراءة والكتابة وعلی درايه بالحكم والامثال كتلك التي يقال فيها ” انا واخي علی ابن عمي وانا وابن عمي علی الغريب ” معتقدا اعتقادا خاطئا انه يطبق حديث رسول الله صلی الله عليه وسلم [ انصر اخاك ظالماً او مظلوما ] دون ان يعي ان نصرة الظالم هي كف يده عن الظلم فهذه مأساة كبيرة تدل علی ان الكثير لا يعي الفرق بين الأمي والجاهل والمتعلم والواعي والعاقل والمتفتح والمثقف وأن المناهج المدرسيه لا قيمة لها ان لم تقم الاسرة والبيئة بتثقيفك قبل ان تتوغل بداخلك قوانين الشوارع واعراف وعادات ما انزل الله بها من سلطان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق